نبذه عن حياته :
هو جابر بن حيان بن عبدالله الأزدي الكوفي ، وُلِدَ في مدينة طوس ببلاد فارس عام 721 ميلادي الموافق 101 هجري ، كان أبوه حيان ينتسب لقبيلة ( الأزد ) - وهي قبيلة عربية تقع في اليمن - وكان يعيش في الكوفة يشتغل فيها عطاراً ، وقد إنضم حيان إلى الدعوة العباسية وبدأ تِرحاله مع زوجته من منطقة إلى أخرى وإستقر في مدينة طوس حيث وُلِدَ هنالك جابر بن حيان .
كان جابر شديد الحب لتعلم صنعة أبيه (العِطارة) فشاهد حيان مِقدار حب جابر لمِهنة العطارة فقام بتعليمه ما يعرِفُهُ عن هذه المهنة ، وعندما كان في التاسعةِ من العُمر أتم حفظ القرآن الكريم في مسجد من مساجد طوس ، وقد كانت مرحلة طفولة جابر بن حيان غامضة، فلم يصلنا منها الكثير .
وإختلفت روايات موت أبيه، فإحداها تقول أن حيان والد جابر أراد القتال و الدفاع عن أهل بيت رسول الله فذهب و لم يعُد وإستُشهِدَ فحَزِنَ جابر حُزناً شديداً ، ورواية أخرى تقول أن حيان بدأ بالدعوة إلى مُناصرة العباسيين و مهاجمة الأمويين فبلغ للأمويين ما يفعله حيان فقبضوا عليه وحكموا عليه بالإعدام وهذه الرواية هي الأوثق .
بعدما وصل لأم جابر خبر موت زوجها ما كان منها إلى أن أخذت أولادها و إنتقلت إلى السكن عند أهل زوجها في اليمن ، فإُتيحت الفرصة لجابر للتشبع من الثقافة العربية وعلومها، فشبَّ جابر و تعلم و درس الرياضيات على يَدِ مُعلِّمِهِ ( حربي الحميري ) حتى تزود بالكثير منها فعكف على دراسة و قراءة كتب خالد بن يزيد الآموي - وهو أول من تكلم بعلم الكيمياء - ولكن جابر لم يُقابِل خالد بن يزيد شخصياً، لكن فقط عن طريق الكتب ، وبعدما شب جابر، جهَّز نفسه للرحيل لطلب العلم في بقاع العالم العربي، فأصرت أمه بالذهاب معه فأخذها وأخذ أيضاً كتبه معه .
وصل جابر إلى مدينة الكوفة واستقر في بيت واسع ، وبدأ جابر بعدها بدراسة الكيمياء على يد الإمام جعفر الصادق وتلقى جابر على يديه الكثير من عِلم الكيمياء فبدأ مال جابر بن حيان الذي إدَّخَرَهُ بالنفاذ، ففتح محل عطاره بسور بيته ليرتزق منه .
تزوج جابر بن حيان بعد ذلك بفتاة تدعى ( ذهب ) أنجب منها جابر ثلاثة أولاد، موسى البكر، وعبد الله الأوسط، وإسماعيل الأصغر ، وعزم جابر على بناء معملاً خاصاً به وقام بما عزم عليه وبدأ بإختبار ما قاله القدماء من تجارب الكيمياء وصحة ما قالوا وإعتاد جابر على كتابة وتسجيل الملاحظات والنتائج وكثيراً ما اكتشف أن ما نقلته الكتب كذب ، فبعدما انتهى من معارف الأقدمين أراد أن يضع له بحث جديد في الكيمياء، فكان أول كشفين له هو ماء الذهب والماء الملكي، فيُحكى أنه كان قد وضع خاتم ذهب في كاس من الماء وراح يجرب عليه الأحماض وإذ به يرى أن الماء أصبح يذيب الذهب وير بعينه الذهب يصبح ماءاً وكان موسم الحج قد شارف على البدء ، فشكر جابر ربه وذهب إلى أمه وأخبرها بأنه يريد أخذها معه للذهاب إلى الحج فتوكل على الله واخذ أمه وزوجته وأولاده الثلاث مُتَّجِهاً إلى مكة لأداء فريضة الحج شاكرا الله على نعمه التي أنعمها عليها .
ثم عاد إلى الكوفة بعدما زار صديقه أبي جعفر الصادق، وعندما وصل سمع نبأ وفاة أبي جعفر فحزن جابر بن حيان على شيخه حزناً كبيراً وقبل إنتهاء حزنه توفيت أمه، فوجد نفسه بحزن أخر، وكان جابر بن حيان قد بلغ من العمر 45 عاماً.
ثم انتقل جابر بن حيان إلى بغداد وإستقر هناك، وإذ بفتى يُدعى عز الدين يريد أن يتتلمذ على يديه فرحب جابر به وعلَّمَهُ كل ما يعرف من الكيمياء ، ذاع صيت جابر بن حيان في بغداد بين العلماء وعِليَةُ القوم والعامة وغيرهم وزاد صيته عندما تولى الخليفة هارون الرشيد الحُكم فقد كان جابر على علاقة وطيدة بوزير الخليفة أبي الفضل يحيى بن البرمكي، وفي العام 803 ميلادي الموافق 187 هجري صار هناك خلافاً بين الخليفة هارون الرشيد وأبي الفضل البرمكي مما أدى إلى فتك الخليفة هارون الرشيد بالبرامكة جميعهم ولأن جابر بن حيان كان على علاقة وطيدة بهم فر من بغداد حِفاظاً على حياته وكان عمره حوالي 68 عاماً .
فعاد جابر بن حيان إلى مدينة طوس وكان بيته القديم قد خُرِّب فبنى مكانه منزل آخر وجعل فيه معملاً عكف فيها على العمل و التجربة وتدوين الكتب ، و شاء القدر أن الخليفة هارون الرشيد قد مات ثم تولى الخلافة ابنه المأمون، فزار المأمون جابر بن حيان مع تلميذ جابر عز الدين وكان جابر قد بلغ من العمر 93 عاما وكان يشعر بِدِنُو أجله، فقال جابر بن حيان للخليفة المأمون وتلميذه عز الدين : " خذوا الكتب التي عندي فلا يهمني أمرها الآن " فقال الخليفة المأمون : " خذها يا عز الدين وضعها في مكتبة بيت الحكمة في بغداد" ثم قبَّلا جبين جابر بن حيان وغادرا البيت .
وفاة جابر بن حيان :
شَعَرَ جابر أن موعده قد حان فقام وتوضأ وصلى الفجر، وهو في السجدة الأخيرة وافته المنية فتوفي رحمه الله حوالي عام 194 هجري / 814 ميلادي ومشى في جنازته الخليفة المأمون إبن الخليفة هارون الرشيد وتلميذه ومجموعة كبيرة من العلماء .
كان جابر بن حيان أبو الكيمياء وجبر علم الكيمياء، رحمه الله، لقد خسرنا عالِم في الكيمياء أمضى حياته كلها في خدمة الإسلام والمسلمين من خلال علمه.
قصص عن اكتشافات جابر بن حيان :
1 عندما وصل جابر إلى الكوفة التقى بأبي جعفر الصادق، فتلقى أصول الكيمياء على يديه وعندما انتهى أبي جعفر الصادق من تأليف كتابه (الضيم)، جمع بعض أصحابه من العلماء يقرأه عليهم فأبدى العلماء إعجابهم بالكتاب وخوفهم من تلفه، فأهداه أبي جعفر إلى جابر بن حيان وقال له : ها أنا أضع بين يديك ثمرة جهد أعتز به أرجو أن تنجح في ابتكار نوع من الورق لا يحترق بالنار تنقل عليه كتابي حماية له ، فذهب جابر إلى مُعلِّمُهُ و أجرى تجاربه وجمع المواد اللازمة لتجاربه فعندما إنتهى بدأ يُحضِّر المواد الكيميائية ويُجري عليه التجارب وكان صابراً مُثابِراً ولا يمِل من تكرار التجربة فكان يضع الورقة في إناء ثم يغمسها به ويخرجها حتى تجف وبعد أن تجف يلقيها في النار فيحترق بعضها بسرعة وبعضها ببطء وبعضها لا يحترق مهما طال وضعه في النار فأعد جابر كمية كبيرة من الأوراق التي لا تحترق وجمعها بشكل كتاب ثم نقل عليه كتاب الضيم ثم ذهب إلى الإمام أبي جعفر الصادق وكان حوله مجموعة من العلماء فقال أبي جعفر لجابر: أين الكتاب يا جابر ، فاخرج جابر الكتاب وألقاه في النار فأراد العلماء إنقاذ الكتاب ولكن أبو جعفر منعهم من ذلك ثم قام وعانق جابر وهو يقول : لقد نجحت يا تلميذي النجيب في ابتكار أوراق لا تحرقها النيران .
2 في يوم من الأيام دخل جابر معمله في الكوفة وأضاء قنديله وأوقد نار فرنه و كان يريد تجريب مزج العناصر ببعضها فأخذ زجاجة زئبق و مزجها بكبريت وجاء جابر بوعاء ووضع في قاعِه قدراً من الزئبق ووضع فوقه قدراً مُساوياً من الكبريت و أحكم الغِطاء فوقهما ودفع به إلى الفرن على نار هادئة لا تُخمد وأغلق باب الفرن وجلس طول الليل يغذي النار بالوقود لتبقى مُشتعلة و في الصباح كانت النار قد خمدت والحرارة قد بردت فقام جابر بفتح الغطاء فإذ به يرى وسط الوعاء حجراً أحمر ، حجراً جديداً لا عهد للطبيعة به، فراح يتأمله ويقيس درجة قساوته فلم ينكسر وقام بوضعه في النار أيضاً لم يحترق ، و أسمى الحجر ( الزنجفير ) وهو الآن معروف باسم ( كبريتيد الزئبق ) .
ألقابه :
لُقِّبَ جابر بن حيان بألقاب كثيرة منها الطوسي لأنه عاش في مدينة طوس مدة من الزمن ، ولُقِّب أيضاً بالكوفي لأنه عاش مدة طويلة في مدينة الكوفة، ولُقِّبَ بجبر العلم لأنه أنقذ علم الكيمياء من الضياع، ولُقِّبَ بأبو الكيمياء وغيرها من الألقاب .
إكتشافات جابر بن حيان :
اكتشف جابر بن حيان الكثير من الاكتشافات نذكُرُ منها :
الماء الملكي وماء الذهب وماء الفضة والورق الذي لا تأكُلُهُ النيران وحجر الزنجفير و حجر الكي أو حجر جهنم ومداداً مُضيئاً من صدأ (بيريت) الحديد، وأيضاً حضَّر جابر بن حيان طلاء يقي الثياب من البلل وطلاء يقي الحديد من الصدأ وطلاء يقي الخشب من الحرق وإكتشف عنصر البوتاسيوم وملح النشادر وحامض الكبريتيك وسلفيد الزئبق وأكسيد الزرنيخ وكربونات الرصاص وعنصر الأنتيمون والسم السليماني وعنصر الصوديوم ويوديد الزئبق و زيت الزاج النقي وحامض النيتريك وحامض الهيدروكلوريك والصودا الكاوية وأوجد أيضاً طرائق لتقطير الخل المركز وطرائق لصبغ القماش ودباغة الجلود وطرائق فصل الفضة عن الذهب بحامض النيتريك وأستعمل جابر لصناعة الزجاج أكسيد المغنيسيوم وقام بأبحاث في التكليس وإرجاع المعدن إلى أصله بواسطة الأكسجين وإبتكر جابر آلة لاستخراج الوزن النوعي للمعادن والأحجار والسوائل و للأجسام التي تذوب في الماء، كما قال جابر أن الزئبق المُصعَّد بالتبخير يُزيل العفونة ويسهل البطن، وتحدث جابر عن السموم ودفع مضارها فوضع بذلك أساس علم السموم وغيرها الكثير .
كان جابر بن حيان نابغة في علم الكيمياء وكان يقول : " إن دراسة العلوم الطبيعية أساسها التجربة ، وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان فبالتجربة كمال العلم ".
نظريات جابر بن حيان :
إن نظريات جابر بن حيان سبقت العلم الحديث بألف سنة ومن نظرياته :
إن كل المواد القابلة للاحتراق والفلزات القابلة للأكسدة تتكون من أصول زئبقية وكبريتية وملحية، وأيضاً وضع نظرية الإتحاد الكيميائي و أيضاً قال أنه يمكن نظرياً تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة والعكس بالعكس .
مؤلفاته :
كتب أبو موسى جابر بن حيان الكثير من المؤلفات نستذكر منها :
كتاب الخواص الكبير – كتاب الأحجار – كتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل – كتاب الأسرار – كتاب السموم ودفع مضارها – كتاب التصريف – كتاب الحاصل – كتاب السر المكنون – كتاب الموازين – كتاب الزيج اللطيف – كتاب الملك – كتاب الرياض – كتاب الحدود – كتاب الاستتمام والاستيفاء – كتاب التكليس – كتاب الكمال – كتاب إسطقس الأس الأول – كتاب إسطقس الأس الثاني – كتاب تفسير كتاب إستقطس . وغيرها الكثير.
ويروي جابر عن نفسه : " ألفت ثلاثمائة كتاب في الفلسفة وألفاً وثلاثمائة رسالة في صنائع مجموعة آلات الحرب ثم ألفت في الطب كتاباً كبيراً ثم ألفت كُتُباً صغاراً كباراً وألَّفتُ في الطب نحو خمسمائة كتاب...... ثم ألَّفتُ كُتُب المنطق على رأي أرسطو....... ثم ألَّفت كِتاب الزيج اللطيف نحو ثلاثمائة صفحة ثم ألَّفتُ كتاباً في الزهد والمواعظ وألَّفتُ كُتُباً في العزائم كثيرة حسنة ..... وألّفت في الأشياء التي يُعمل بخراجها كتباً كثيرة ثم الفت بعد ذلك خمسمائة كتاب نقضاً على الفلاسفة ثم ألفت كتابا في الصنعة ".
رحمه الله فلقد خسر العالم أبو الكيمياء الأول وإني لأقول فيه : ( إنه أهم عالِم ظهر في مجال الكيمياء ).
ملاحظة لو تفضل الأخ حمزة العمايرة:
ردحذفهل حرف "الواو" يكون ملاصقا للكلمة
التالية أَم موصولًا؟
نعزو أولا هذا التصحيح لصاحبته.
السيدة/
منى هلال تقول:
16/10/2007
03:25 AM
أتفق مع الرأي القائل بأن واو العطف تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المعطوف عليه،
وأري أيضاً أن عملية الكتابة تكون أسهل وأسرع في هذه الحالة، ففصل الواو عن المعطوف عليه يشكل ضغطة زائدة على space bar في لوحة المفاتيح
فكم من واوات العطف تستخدم في الجملة الواحدة؟
وتقول:
أشعر في كثير من الأحيان برغبة جامحة في تصحيح كتابة من أراه يفصل الواو عن الكلمة التي تليها.
أعرف أن الأخ حمزة بذل جهدا كبيرا فى بحثه، ونشكره، ولكن أجهدتنى حقيقة فى تصحيح وضع
حرف "الواو".
شكرا لك، مع تحياتى..
أحمد عمر.
نشكرك على التعليق و الافادة .. تم التصحيح , و سيتم التطبيق على باقي الموضوعات قريباً إن شاء الله.
حذفشكراََ لك بس ليش هو كلامه طويل😫❤️بس.
حذفشكرا على هذا المقال شكرا جزيلا
ردحذف